الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

قراءات في المنظور السردي النسوي

كتاب " قراءات في المنظور السردي النسوي" لحسين المناصرة
       هذا كتاب يختص في دراسة بعض الإشكاليات السردية في المشهد السردي بالمملكة العربية السعودية، وهو يضمّ ثمانية أبحاث (قراءات)، كتبت في أوقات مختلفة، تناقش بعض السرديات النسوية(روايات وقصص قصيرة). وفيه دراسات أخرى ذات علاقة بالنِّسوية أو بالمنظور النسوي عمومًا؛ في سياق المرأة المكتوبة ( الفعل أو الشخصية) في الكتابة الذكورية.

        وعندما ندخل في هذا الكتاب دراستين عن بعض إشكاليات رواية "عالم بلا خرائط" لجبرا إبراهيم جبرا وعبد الحمن منيف؛فإننا نعدّ منيفاً ينتمي إلى المشهد السردي العربي السعودي، على الرغم من انقطاعه عن هذا المشهد. في المنظور النسوي، نجد خمسة أبحاث، هي: "الرواية والعنف: مقاربة في المنظور النسوي"، و"بطلات بلا هوية مقاربة في رواية (الأرجوحة) لبدرية البشر"، و" إشكالية استلاب المرأة للمرأة في المنظور النسوي؛ مقاربة في نماذج روائية نسوية سعودية"،و"جمالية التحول في الرواية الجديدة: رواية (4 صفر) لرجاء عالم نموذجاً"، و"فتنة السرد النسوي:قراءة في ثلاث قصص قصيرة سعودية".

      ونجد ثلاثة أبحاث أخرى على صلة بالمنظور النسوي، أولهما:"زهرة الفلسطينية ومنابع اللغة السردية:قراءة في رواية (23 يوماً) لعبد الله سعد العمري"، وقد جعل العمري بطلة الرواية فتاة فلسطينية. وثانيهما: "شهرزاد الجديدة والجذور التراثية الفنية في السرديات الحديثة: رواية "عالم بلا خرائط" وقصة"عالم بأجنحة فضية" نموذجاً"؛ وهذه القصة الأخيرة لأميمة الخميس.أما الدراسة الأخيرة فهي عن "الكاهنة سيبيلا وإشكالية الكتابة المشتركة في رواية (عالم بلا خرائط) لجبرا ومنيف"، وقد انطلق الساردان في كتابة هذه الرواية من منظور الكاهنة "سيبيلا" التي تخلط أوراق المعرفة بعضها ببعض.

       تقدم الساردة النسوية منظوراً متعدداً للعنف في خطابها السردي( الروائي)، وذلك من خلال: العنف الذكوري، والعنف المجتمعي، والعنف النسائي، والإرهاب باسم الدين، والإرهاب الدولي...وتقدم بدرية البشر في روايتها الأرجوحة أربع هويات نسوية، هي: الهوية النسوية القبيلية، والهوية النسوية الخضيرية، والهوية النسوية السوداء، والهوية النسوية الشيعية...حيث تشكلت هذه الهويات من خلال تقسيمات المجتمع البطرياركي المختلفة، والأمهات المهزومات، والأزواج المهزومين..إلخ.

       ومن خلال تعددية اللغة السردية، يقدم عبد الله سعد العمري في روايته (23يومًا) شخصية زهرة الفلسطينية ومنظورها في سياق اجتياح الكيان الصهيوني لغزة في عام 2008م، لتتعدد إشكاليات الرواية في: العنوان، والأنثى بطلة، وحاسة الفلسطيني السادسة،والسياق النفسي،وتوظيف لغة الإعلام، والحوارية والوصف،وخصوصية المكان، وإشكالية الموت،وتهميش المقاومة الفلسطينية، وكسر السرد، وفلسفة الواقع، والنزعة الواقعية السحرية، والنهاية السردية المفتوحة بالضرورة، والحكاية الإطارية..الخ.

      وفي المنظور النسوي الخاص بإشكالية استلاب المرأة للمرأة؛ يتجاوز اضطهاد المرأة واستلابها الصراع التقليدي مع الذكورة والمجتمع الذكوري؛ ليغدو هذا الصراع أو الاستلاب بين النساء بعضهنّ ببعض؛ لذلك نجد شخصية الأم في رواية "هند والعسكر": حارسة لقيم المجتمع الذكوري ومستلِبة لابنتها، ونجد ثلاث نساء ظالمات يَستلبن انثى في رواية" عيون قذرة"من خلال أحقاد النساء وتكويناتهن النفسية، وتسهم المعلمة/الاختصاصية الاجتماعية العانس في رواية "الأوبة" في الاستلاب باسم الدين، وتتشكل أم صالح في رواية "البحريات" من موروث الحماة وكنتها، وأم هاشم في رواية " جاهلية" من موروث الذكر هو السند، وشخصية "ضي" في رواية "الآخرون" من خلال استلاب المثليات بعضهن لبعض. وكان لافتًا أن نجد رواية رجاء عالم (4 صفر) تستند إلى مفاهيم التحول والتناسخ ، فتتشكل الرواية بصفتها كابوساً أو خطابًا غير معقول في مستويات أحادية الصوت وتناص الشخصية،وتحولات البطل، وأوهام الوصول، وانتظار الأم / المنقذ.

       كذلك تقدم رواية "عالم بلا خرائط" لجبرا إبراهيم جبرا وعبد الرحمن منيف من جهتين، جهة الكتابة المشتركة على طريقة الأوراق المعرفية المتداخلة لدى العرافة"سيبيلا"، ومحاولة تفكيكها لمصلحة كل كاتب على حدة، وهي محاولة تقريبية تستبطن المأزق المنهجي "الأسطوري" في الفصل بين اللغتين، وأبعاد الإشكالية في روايات عديدة أخرى مشابهة،ومحاولة التعرف إلى طريقة التشارك في كتابة الرواية، ثم ممارسة مغامرة الفصل بين لغتي جبرا ومنيف... والجهة الأخرى استخدام هذه الرواية في دراسة ثانية مع قصة قصيرة لأميمة الخميس للتعرف من خلالهما إلى الجذور التراثية الشهرزادية الفنية لبعض السرديات الحديثة؛ وذلك من خلال إشكاليات: انفتاح العنوان والحكاية الإطارية، والفضاء المكاني ولعبة الأسطورة، وأسطرة اللغة وتهشيم الزمن الواقعي، وأسطرة الصيغ، والفانتازيا والتسريع الزمني، والمفارقة.

       وأخيراً، هناك بحث عن جماليات أو فتنة السرد النسوي في متن ثلاث قصص قصيرة لثلاث ساردات سعوديات، وهي قصص بدت متنوعة في تقنياتها السردية؛ كالتلاعب بصيغ السرد، والتلاعب باللغة، وتسجيل المعيشي المباشر، وما ينتج عن ذلك كله في سياق الذات والآخر ورؤية العالم في السرد. يأمل الباحث أن يسهم هذا الكتاب في الكشف عن بعض إشكاليات السرد النسوي، وأن تكون أية إشكاليات أخرى في المستوى السردي عمومًا، مفضية إلى الحوار مع الآخر، وإلى توليد إشكاليات سردية في أبحاث ودراسات أخرى موازية أو متقاطعة مع ما ورد في هذا الكتاب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق